في اكتشاف مذهل يعيدنا إلى الماضي البعيد، تم العثور على مجموعة من الكنوز الملكية التي تعود إلى أكثر من 500 عام، مدفونة في غرفة سرية تحت الأرض. هذه القطع الأثرية تم إخفاؤها عن قوات النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، وهو ما يعدّ حدثًا تاريخيًا نادرًا في مجال الحماية الثقافية.
في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، تم الكشف عن مجموعة كنوز ملكية تضم 59 قطعة قيمة من بينها تيجان ملكية، صولجانات، ميداليات، خواتم، وغيرها من التحف التي صنعت بحرفية عالية وفقًا لأعلى معايير العصر في ذلك الوقت. كان من بين أبرز القطع، تاج الجنازة للإسكندر ياجيلون، الذي كان دوقًا عظيمًا لليتوانيا وملكًا لبولندا في القرون الوسطى.
تعود هذه الكنوز إلى فترة حكم ملوك ليتوانيا وبولندا في العصور الوسطى، وتعتبر رموزًا تاريخية ذات قيمة كبيرة، تعكس التقاليد الملكية العريقة لهذه المنطقة. كان يتم تصنيع هذه القطع خصيصًا لتدفن مع الحكام بعد وفاتهم، حيث لم يتم استخدامها أثناء حياتهم. وصف فيدمانتاس بيزاراس، مدير إدارة التراث الثقافي في ليتوانيا، الاكتشاف بأنه أحد أعظم الاكتشافات في مجال حماية التراث. وقال: «ما حلم به أجيال من المؤرخين وعشاق التراث أصبح الآن حقيقة». وأضاف أن الكنوز المكتشفة ليست مجرد تحف، بل هي تجسيد لتاريخ طويل من الدولة الليتوانية وحضارتها.
تم اكتشاف قبر الملوك لأول مرة في عام 1931، لكن في عام 1939، ومع تقدم القوات النازية، قام رجال الدين بإخفاء الكنوز في غرف سرية داخل الكاتدرائية لحمايتها من النهب. تم العثور على الأوعية الطقسية والرموز الملكية مغلفة في صحف مؤرخة في 7 سبتمبر 1939، مما يعني أن الكنوز كانت قد أخفيت في الأيام الأولى من الحرب.
بعد الحرب، تحولت الكاتدرائية إلى صالة عرض صور تحت إشراف السوفييت الروس. لكن في نوفمبر 2024، بدأ فريق من الخبراء بالبحث عن أماكن محتملة للاختباء داخل الجدران. بعد جهود متعددة، تم اكتشاف غرفة مخفية وراء حجر مخلوع في 16 ديسمبر/كانون الأول 2024 باستخدام كاميرات طويلة ورفيعة.
رغم الجدل الذي أثارته مشاركة مؤرخ فني مدان بشراء آثار مسروقة، استمرت إدارة التراث الثقافي في التحقيق الرسمي واكتشاف الكنوز. تم نقل القطع الثمينة بعناية وتوثيقها، وجاري العمل على ترميمها وتقديمها للجمهور عبر المعارض القادمة. من بين القطع التي تم العثور عليها كانت مقتنيات ملكية تعود إلى إليزابيث من النمسا، ملكة بولندا وزوجة دوقية ليتوانيا الكبرى، بالإضافة إلى قطع أخرى تخص باربارا رادزيفيل، ملكة بولندا وزوجة دوقية ليتوانيا الكبرى.
هذا الاكتشاف التاريخي لا يقتصر على مجرد العثور على قطع أثرية نادرة، بل هو أيضًا استعادة جزء من تاريخ عريق فقد على مر السنين بسبب الحروب والدمار. سيستمر ترميم هذه الكنوز الملكية ليتمكن الجميع من التعرف على هذا التاريخ الغني والاستفادة منه في المستقبل من خلال المعارض العامة القادمة.